حیاة شعب اقليم كوردستان بين سندان حكومة الاقليم ومطرقة المحكمة الاتحادية العليا العراقية

دراسة من اعداد د. عثمان علي  مدير-مركز تاسك

رقم الدراسة 4، 2024

نتناول في هذه الورقة بالدراسة والتحليل ابعاد القرارات التي اصدرتها المحكمة الفيدرالية وتبعاتها على اقليم كوردستان والعراق بصورة عامة . فنتطرق اولا وبايجاز  الى خلفية  المحكة الفيدرالية  ومن ثم نعطي بعض مقتباسات من القرارات الصادرة في 21 شباط  . ثم نقول بتحليل بعض هذه النصوص وتبعاتها على مستقبل الاقليم.

كل المؤشرات السياسية  في الافق  تشير الى ان المحكمة الفيدرالية والسلطة القضائية العليا في العراق التي يتولى رئاستها فائق زيدا ن المنتمي الى خط المالكي وبتوصية  قاسم سليماني وهو مقرب من المليشيلت العراقية التابعة لايران بدأت تحكم العراق بقبضة حديدية مستغلة ضعف حكومة السوداني المشلولة  نتيجة الضغط الممارس عليها من قبل حكومة الولايات المتحدة الامريكية من جانب والحكومة الايرانية من جانب اخر وكذلك بعد تجميد دور البرلمان العراقي بطرد رئيسه بتوجيه ايراني .و قبل ذلك جمّد برلمان الاقليم بدون ان يحدد موعد لاجراء انتخابات  لها .وكذلك  تستغل المحكمة الاتحادية فشل حكومة الاقليم المشلولة  بدورها نتيجة للصراعات الحزبية والفساد وسوء الادارة و ضياع  الافق والبوصلة التي ترشد هذه الحكومة . واخذت المحكمة الفيدرالية دورا سياسيا اكثر منه دورا قضائيا . يكفي ان نشير هنا ان المحكمة الفيدرالية في امريكا بت في عام في 28 قضية فقط والمحكمة الدستورية في بريطانيا بت في نفس العام في 19 قضية  فقط  ، ولكن اخذت المحكمة الفيدرالية  في بغداد على عاتقها البت في 137 قضية ومعضم هذه القضايا  كان من المفروض  حسب الاعراف الديمقراطية والدستورية ان تبت فيها المؤسسات التشريعيىة والتنفيذية في العراق والاقليم. وان ما يحصل- و سيحصل في العراق في الايام القادمة -هو ما حقتتها ايران في لبنان من تعطيل المؤسسات الحكومية بدا بالبرلمان والحكومة والتحكم بقرارتها من خلال مليشيات حزب الله اللبناني وتدمير كامل للاقتصاد اللبناني.

موجز عن خلفية المحكمة الفيدرالية

بعد أحداث عام 2003 حصل تطور كبير في المنظومة القانونية العراقية بتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات، إذ تم استحداث المحكمة الاتحادية العليا في العراق بموجب نص المادة 44 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية عام 2004 الملغى، وهو الدستور المؤقت خلال المرحلة الانتقالية الممتدة من تاريخ صدوره ولغاية صدور دستور 2005، ويعد قانون إدارة الدولة العراقية بمثابة الدستور الذي ينظم أعمال سلطات الدولة الأساسية خلال الفترة الانتقالية التي تلت انتهاء أعمال سلطات الدولة الأساسية خلال الفترة الانتقالية التي تلت انتهاء أعمال سلطة الائتلاف المؤقتة ولغاية صدور دستور 2005، وتضمن إشارة واضحة إلى الرقابة الدستورية على القوانين، بينما تضمن وجوب تشكيل محكمة اتحادية عليا، فقد نص قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 على تشكيل المحكمة الاتحادية العُليا حيث جاء فيه:

«تتكوّن المحكمة العليا الاتحادية من تسعة أعضاء، ويقوم مجلس القضاء الأعلى أولياً وبالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح ما لا يقلّ عن ثمانية عشر إلى سبعة وعشرين فرداً لغرض ملء الشواغر في المحكمة المذكورة، ويقوم بالطريقة نفسها فيما بعد بترشيح ثلاثة أعضاء لكلّ شاغر لاحق يحصل بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العزل، ويقوم مجلس الرئاسة بتعيين أعضاء هذه المحكمة وتسمية أحدهم رئيساً لها. وفي حالة رفض أيّ تعيين يرشح مجلس القضاء الأعلى مجموعةً جديدةً من ثلاثة مرشّحين.»

وأما التصويت على القرارات داخل المحكمة فأنه بشكل عام يتخذ بالأغلبية البسيطة بأستثناء القرارات المتعلقة بالاختصاص الحصري والأصيل للمحكمة في الدعاوي بين الحكومة العراقية الانتقالية وحكومات الاقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات التي يجب أن تكون بأغلبية الثلثين كما اعطى نص المادة أعلاه للمحكمة سلطة مطلقة في تنفيذ قراراتها بما في ذلك صلاحية إصدار القرار بأزدراء المحكمة وما يترتب عليها من إجراءات. ونص قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 على أ، تتشكل المحكمة من تسعة أعضاء بما فيها رئيس المحكمة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى وبالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم ويعينهم مجلس الرئاسة وترك لقانون المحكمة تفاصيل الشروط الواجب توفرها في أعضائها وحقوقهم. ويعد قرار تشكيل أعضاء المحكمة التسعة بما في ذلك تسمية الرئيس فيتم من قبل الرئاسة دون مجلس القضاء الأعلى الذي يقتصر دوره على الترشيح فحسب وهذا يعد مخالفاً لمبدأ الفصل بين السلطات مما يعني أن بإمكان مجلس الرئاسة رفض المرشحين حسب المادة 44 فقرة (هـ) حيث أعطى لمجلس الرئاسة حق الرفض وعلى مجلس القضاء ترشيح مجموعة جديدة.

المحكمة الاتحادية العليا في القانون رقم 30 لسنة 2005

شرع قانون رقم 30 لسنة 2005 في 17 مارس، 2005، لغرض إنشاء المؤسسات الدستورية في العراق، ويعد هذا القانون تكملة للمؤسسات الدستورية في العراق التي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون وتحقيق التوازن بين السلطات. وحسب المادة 2 من قانون رقم 30 لسنة 2005 تكون المحكمة الاتحادية العليا مستقلة مالياً وإدارياً، وتنص المادة 3:

«تتكون المحكمة الاتحادية العليا من رئيس وثمانية اعضاء يجري تعينهم من مجلس الرئاسة بناءاً على ترشيح من مجلس القضاء الاعلى بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة (هـــ) من المادة (الرابعة والاربعين) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية .»

تناولت سيلين  اويصال ،الباحث في مركز واشنطن للسياسة في الشرق الاوسط  ،خلفية المحكمة الفيدرالية  في مقال لها وكتبت تقول :

في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، أثارت “المحكمة الاتحادية العليا” في العراق ضجة عندما حكمت في شكوى ضد “رئيس مجلس النواب” محمد الحلبوسي، وقررت في النهاية إنهاء عضويته في المجلس التشريعي. وفي غياب أي آلية استئناف، سيتعين على الحلبوسي التنحي عن منصب “رئيس مجلس النواب” الذي يشغله منذ عام 2018، في تطور سيكون له آثار مضاعفة على انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول/ديسمبر.

مؤسسة مثيرة للجدل منذ البداية

عندما أنشأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة “المحكمة الاتحادية العليا” في عام 2003، كان الهدف منها أن تكون بمثابة خط الدفاع الأول عن سيادة القانون في العراق ما بعد صدام. وبعد ذلك بعامين، وعلى وجه التحديد قبل اعتماد الدستور الجديد مباشرةً، تم إقرار قانون “المحكمة الاتحادية العليا” (“القانون رقم 30”)، الذي يمنح هذه “المحكمة” صلاحيات واسعة النطاق لتحديد دستورية القوانين التشريعية والتنظيمية، والتحكيم في المنازعات بين بغداد والمحافظات، والمصادقة على نتائج انتخابات “مجلس النواب”، وممارسة الولاية القضائية الحصرية على الملاحقات القضائية ضد السلطات الحكومية العليا. كما مُنحت المحكمة عدة ضمانات لاستقلالها (كسلطة قضائية)، بما في ذلك على المستويين الإداري والمالي.

ولطالما كانت شرعية “المحكمة الاتحادية العليا” مثيرة للجدل، حتى أن دستوريتها تبقى موضع نقاشات قانونية مستمرة. وأمرت “المادة 92” من دستور عام 2005 “مجلس النواب” بإقرار قانون يحدد وضع المحكمة، إلا أن ذلك لم يحدث قط. ونتيجة لذلك، لا تزال “المحكمة الاتحادية العليا” تعمل بموجب “القانون رقم 30” لعام 2005.

وتعرضت المحكمة أيضاً لانتقادات منتظمة باعتبارها رمزاً للطائفية. ويعود ذلك جزئياً إلى أن “مجلس النواب” والجهات الفاعلة الأخرى قد حوّلوا عملية تعيين القضاة إلى معركة محتدمة لتحقيق التوازن الطائفي، ولكن أيضاً لأن “المحكمة الاتحادية العليا” تدخّلت بشكل حاسم في العملية السياسية، خاصة خلال حالة الجمود التي غالباً ما تظهر أثناء تشكيل الحكومة بعد الانتخابات والمساومات الطائفية.

 

وأبرز مثال على ذلك هو سماح المحكمة بإعادة تعيين نوري المالكي رئيساً للوزراء في عام 2010 على الرغم من فوز حزب إياد علاوي بأغلبية الأصوات في المنافسة البرلمانية في ذلك العام. وفي تفسير للدستور مثير للجدل للغاية، قرر القضاة أن الحزب الفائز في الانتخابات الوطنية لا يتمتع بالحق الحصري في تشكيل الحكومة المقبلة – وبدلاً من ذلك، يمكن منح هذه السلطة لائتلاف من الأحزاب، حتى لو ظهر الإئتلاف موضع البحث بعد الانتخابات. ويعتقد العديد من المراقبين أنه تم التأثير على هذا القرار من قبل الأحزاب الشيعية التي عارضت علاوي بسبب خروجه عن صفوفها وقيادته ائتلاف علماني.

المحكمة الاتحادية العليا” بقيادة فائق زيدان

أصبحت “المحكمة الاتحادية العليا” أكثر إثارة للجدل في السنوات الأخيرة تحت قيادة القاضي فائق زيدان. ففي عام 2017، أصبح رئيساً لـ “مجلس القضاء الأعلى”، وهو الهيئة التي تشرف على معظم السلطة القضائية وتمنحه نفوذاً معيناً على “المحكمة الاتحادية العليا” المستقلة نظرياً. وبلغ نفوذه آفاقاً جديدة في عام 2021، عندما أُرغم منافسه الوحيد المتبقي في المناصب القضائية العليا وهو رئيس “المحكمة الاتحادية العليا” مدحت المحمود، على التقاعد قسراً بموجب تعديل على “القانون رقم 30” الذي فرض حداً جديداً لسن قضاة “المحكمة الاتحادية العليا”. وبينما كان زيدان متحالفاً على ما يبدو مع المعسكر الموالي لإيران في البلاد، أثار محمود غضب هذه الفصائل من خلال إظهار تفضيله للتيار الشيعي المنافس برئاسة مقتدى الصدر. ويجدر بالذكر أن التعديل نفسه الذي أدى إلى تهميش محمود، أرسى أيضاً مبدأ التوازن الطائفي في تشكيل “المحكمة الاتحادية العليا”، مما أدى إلى زيادة عدد القضاة الشيعة من المحافظات الجنوبية.

واستغل زيدان لاحقاً سلطته الجديدة لتنفيذ تغييرات قضائية رئيسية وتسهيل القوانين التي من شأنها تعزيز سلطته ونفوذه. على سبيل المثال، أنشأ “مجلس القضاء الأعلى” لجنة لـ “إدارة المهن” وتم منحها صلاحيات واسعة لترقية وتمديد ولاية ونقل وإحالة القضاة والمدّعين العامين إلى التقاعد، مما أعطى زيدان بشكل أساسي صلاحية تعيين وإقالة جميع قضاة البلاد. كما استخدم نفوذه للتأثير على عملية اختيار أعضاء “المحكمة الاتحادية العليا”، بما في ذلك تعيين رئيس “المحكمة الاتحادية العليا” الجديد جاسم محمد عبود، الذي يشتهر بولائه لزيدان.

مِن ترجيح كفة الانتخابات إلى النشاط القضائي غير المقيد

عندما دعا العراق إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في عام 2021 بعد أشهر من الاحتجاجات العامة، تضمنت استعدادات الحكومة لهذا التصويت إصلاح “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”. وسرعان ما استغل زيدان هذه العملية وحرص على أن يتكون مجلس “المفوضية” من قضاة لكي يتمكن هو ودائرته من التأثير على القرارات المهمة السابقة للانتخابات.

وفي الأسابيع التي تلت التصويت في تشرين الأول/أكتوبر، وجّه زيدان “المحكمة الاتحادية العليا” بأساليب دعمت الكتلة الموالية لإيران. وفي البداية، بدا أن المحكمة اتخذت موقفاً متوازناً من خلال إقرار النصر الانتخابي الذي حققته الكتلة الصدرية ووضع حد لمزاعم الاحتيال من قبل الجماعات الشيعية المتنافسة. ومع ذلك، لم يمضِ وقت طويل حتى أصدرت “المحكمة الاتحادية العليا” سلسلة من القرارات لصالح “الإطار التنسيقي”، وهو الكتلة الشيعية

الموالية لإيران والمعارضة للصدر.

https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/making-sense-iraqs-politicized-supreme-court-rulings

.المحكمة الفيدرالية واقليم كوردستان:

وللمحكمة  الفيدرالية تاريخ طويل في معاداة  اقليم كوردستان  حيث افتت بعدم شرعية الاستفتاء  عام   2017 دون ان تعطي مجالا لممثلي حكومة الاقليم في اعطاء رأيهم في المسألة .علما ان عرف المحاكم تقتضي في اعطاء فسحة مشتركة للمدعي عليها حكومة الاقليم والمدعي عليه .وكما الغت مجلس المحافظات  والبرلمان في الاقليم . وكذلك سبق وان الغت قانون النفط والغاز في الاقليم والتي سبق وان تعاملت معها الحكومات العراقية المتعددة قبل ان ياتي فايق زيدان لرئاسة مجلس القضاء الاعلى في 4 شباط 2022 . ويجب ان نقيّم القرارت الصادرة في 21 شباط 2024 بحق الاقليم ضمن هذه الخلفية.

وهنا نقتبس بعض النصوص المهمة في تلك القرارات الصادرة :

– تحل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات محل الهيئة العليا لانتخابات برلمان كردستان العراق الواردة في هذا القانون للاشراف على انتخابات البرلمان وادارتها) وعدم دستورية (البند رابعا) من المادة (السادسة مكرر

تقسم كردستان العراق الى مناطق انتخابية على ان لاتقل عن اربع مناطق.

وصدر الحكم بالأكثرية باتا وملزما للسلطات كافة.

قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بما يأتي:

أولاً: إلزام المدعى عليهما رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية، ورئيس مجلس الوزراء في إقليم كوردستان – العراق بتوطين رواتب منتسبي جميع الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة وجميع منتسبي الجهات الحكومية الأخرى والمتقاعدين ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم وتخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة، وللسنوات القادمة ولكل من الجهات المذكورة آنفاً في الإقليم والدوائر الفرعية التابعة لها التنسيق المباشر مع وزارة المالية الاتحادية لتنفيذ ذلك ومفاتحتها بشأن التوطين دون الرجوع الى ممثلية إقليم كردستان،

إلزام جميع الجهات المذكورة في الفقرة (أولاً) أعلاه ضمن الإقليم بتقديم موازين المراجعة الشهرية في الموعد الذي تحدده دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية في الشهر التالي عند طلب التمويل إسوة بوزارات الحكومة الاتحادية.

ثالثاً: إلزام المدعى عليه الثاني رئيس مجلس وزراء الإقليم بتسليم جميع إيراداته النفطية وغير النفطية الى الحكومة الاتحادية (خزينة الدولة) وحسب قانون الإدارة المالية الاتحادي على أن يقوم ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية في الإقليم بتدقيق البيانات المتعلقة بتلك الإيرادات استناداً الى أحكام المادة (12) من قانون رقم (13) لسنة 2023 الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية (2023-2024-2025).

لا يحق لبرلمان حكومة الاقليم البت في القضايا المصيرية

تكوّن أعضاء مجلس نواب الإقليم من 100 عضو”. وأضاف “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تَحلّ بدلا من الهيئة العليا لانتخابات إقليم كردستان، لإدارة انتخابات الإقليم”

وفي الحكم الثاني، قررت المحكمة الاتحادية العليا، الأربعاء، إلزام موظفي الإقليم بتوطين رواتبهم في المصارف الاتحادية.

وقال رئيس المحكمة جاسم العميري خلال قراءته قرار المحكمة، إنها قررت إلزام المدعى عليهما رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية ورئيس مجلس وزراء إقليم كردستان بـ«توطين رواتب منتسبي جميع الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة وجميع منتسبي المؤسسات والمتقاعدين ومستفيدي الحماية الاجتماعية لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم».

وصدر الحكم بالاتفاق باتاً وملزماً للسلطات كافة.

تبدو هذه القرارات  لاول وهلة وفي ضاهرها قرارات ايجابية  ولصالح مواطني اقليم كوردستان الذين عانوا الامرين من عجز الحكومة في الاقليم في ضمان رواتبهم بشكل دوري وبدون استقطاعات غير قانونية ووقف الترفيعات في سلم الرواتب والادخار الايجابي الغير القانوني وارهاق كاهل مواطني الاقليم بعشرات الضرائب العشوائية والغير القانونية واطلاق يد شركات تابعة للمسؤلين في الاقليم بابتزاز الاموال باسم الضرائب . وكما حصل تدهور  خطير في الخدمات العامة نتيجة تسليم  امر تقديم  الخدمات العامة  لقطاع خاص غير منضبط بقوانين  صارمة لمنع استغلا ل المواطنين. ولهذا كان القرار محل رضى قطاعات واسعة من ابناء الاقليم واعتبروها نهاية لماساتهم بيد حكومة الاقليم.   ويرى يريفان سعيد ، رئيس مركز المبادرة للسلام في واشنطن ان ترحيب المواطنين للقرارات المحكمة الفيدرالية يعود لاخفاق الحزبين الكورديين الرئيسن في حسم حلافاتهما واستغلال الاطراف الشيعية المهيمنة على القرار في بغداد هذا الضعف في الاقليم”.

https://www.voanews.com/a/iraqi-court-s-decision-threatens-to-undermine-kurdish-autonomy/7499308.html

وصرح الناطق باسم الخارجية الامريكية بان حكومته تراقب الاوضاع عن كثب وانها ستدرس جميع جوانب القرار واكد بأن حكومته تعطي الاولوية لاجراء الانتخابات باسرع وقت.

https://www.voanews.com/a/iraqi-court-s-decision-threatens-to-undermine-kurdish-autonomy/7499308.html

علما ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية ترى بان خير وسيلة للحفاظ على وحدة الاراضي العراقية هو الفيدرالية الفاعلة . وكانت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أول من أثار هذا النهج في تموز 2014، وتحدث بريت ماكغورك نائب مساعد وزير الخارجية السابق -حين الإدلاء بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- عن استراتيجية احتواء تنظيم داعش ومجابهته استناداً إلى ما سمّاه “الفدرالية الفاعلة”. ورأى ماكغورك أن هذا المفهوم كان منصوصاً عليه في الدستور العراقي، لكنه لم ينفذ بنحوٍ كامل وفاعل، وترتكز الفدرالية الفاعلة إلى خمسة مبادئ أساسية: يجب على المواطنين المحليين أن يبادروا في تأمين مناطقهم المحلية ويجب أن يحصلوا على إعانات وإمكانيات من الدولة. وينبغي على الجيش العراقي أن لا ينتشر داخل المدن إلا في حالات نادرة، بل يجب عليه أن يقوم بمهام فدرالية مثل تأمين الحدود؛ وضرورة وجود تنسيق وثيق بين القوات المحلية والاتحادية والقوات التابعة لحكومة إقليم كردستان للتصدي لداعش الإرهابي. وينبغي للحكومة الفدرالية العمل على حزمة من الإصلاحات لمعالجة المظالم المشروعة التي سمحت لعناصر داعش بتحقيق الانتشار. فمن حيث الجوهر تترتب الفدرالية الفاعلة على نقل المسؤوليات الأمنية إلى السلطات المحلية التابعة لكل محافظة، بما في ذلك إنشاء حرس وطني يتألف من وحدات محلية مسلحة من شأنها حماية المناطق التابعة لها وتأمينها، فيما يقتصر دور القوات الفدرالية على حماية حدود البلاد والقيام بمهام فدرالية أخرى.

https://www.bayancenter.org/2018/04/4415/

علما ان الحكومة العراقية الحالية  قد اتخذت عدة اجراءات ضد المكونين السني العربي والكوردي  فتحاول اما احتواء الشخصيات الكوردية والسنية او استئصالهم بطريقة تعسفية.  واخر مثال هو محاولة تصفية الحلبوسي  واقصائه من رئاسة البرلمان والعملية السياسة برمتها.

كما ان زيارة مسرور البارزاني المفاجي الى واشنطن في 24 شباط دليل على ان حكومة الاقليم  والولايات المتحدة الامريكية تنظر الى القرارات الاخيرة بمنتهى الجدية.  وان الحكومة الامريكية لن تسمح لحكومة المليشيات في بغداد في القضاء على حكومة الاقليم التي تعد الحليف الاوحد لها في العراق . وقد يطلب السلطات من السيد مسرور البارزاني تحقيق بعض المساومات مع الاتحاد الوطني ووضع حد للقيود المفروضة للحريات في حكومته وتسريع عملية توحيد قوات البيشمه ركة  وتحويلها الى مؤسسة وطنية لتسهيل تسليحها من قبل امريكا والحلفاء الغربيين. ويعتقد الكاتب ان هذه القرارات الخطيرة من المحكمة الفيدرالية قد تخلق نوع من الواقعية في قرار قادة الديمقراطي الكوردستاني  في التعامل مع الاتحاد الوطني .علما ان مسألة الكوتا كانت  عائقا جديا في العلاقات بين الطرفين. ونحن على ثقة ستتصل الامريكان بقنواتهم الخاصة بقادة الاتحاد الوطني لعقد بعض المساومات مع الديمقراطي الكوردستاني  في هذه الظروف التي اصبحت تصير لصالح الاتحاد الوطني.

لسنا من المتخصصين في القانون الدستوري ولكن هناك نقاط واضحة نستطيع ان نقف عليها :

القانون ينسف حق الاقليم ان يكون لها برلمان يكون لها الحق البت في القضايا المصيرية للكورد او ميزانية مستقلة بل  تلزم القانون الاقليم بارسال “جميع موارها” الى الخزينة العامة في بغداد. علما في جميع الفيدراليات الديمقراطية الممارسة في 16 دولة فيدرالية هناك ضرائب وموارد اقليمية وضرائب وموارد فيدرالية . وان الدستور العراقي اقرت لحكومة الاقليم الحق كهئية رسمية ادارة شؤون الاقليم وان لها الصلاحية في جمع  الضرائب وصرفها في القضايا الامنية كالشرطة والبشمه ركة والتعليم  وادخار قسم منها للاستثمار وادارة شؤؤن الحكومة. وحتى بعض الموارد التي تعد فيدرالية وسيادية لاهميتها ترسل الى الحزينة العامة بعد التنسيق مع الحكومة المحلية او هناك مؤسسات مختصة في الاقليم لجمع الضرائب والموارد الفيدرالية.

كما أن عبارة “توطين رواتب الموظفين في الاقليم” اسوة برواتب الموظفين في العراق  مشروط ايضا بقطع هذا المبلغ من حصة الاقليم في الميزانية  . ولم تحسم مسألة فصل رواتب موظّفي الإقليم عن “الإنفاق الفعلي”، من غير المقبول التدخّل في مسألة رواتب موظفي الإقليم أو المناطق الأخرى، لأنها (الرواتب) قضية خاصة يجب استبعادها عن الإنفاق الفعلي.

ان عبارة ارسال جميع” الايرادات النفطية والغير النفطية”  و توطين رواتب الموظفيين في الاقليم في حساب خاص في مصارف اتحادية وليست تابعة للاقليم هو طعن مباشر بالنظام المصرفي في الاقليم وهو بحد ذاته شرط تعجيزي لعدم قدرة ورغبة حكومة الاقليم للموافقة على ذلك. كما ان هناك خلافات حول عدد الموظفين بين بغداد واربيل  ولم تحدد المحكمة الفيدرالية مقاييس واليات لحسم هذا الخلاف . وقد يكون ذلك بسبق اصرار من المحكمة لانها تعرف ان فتح حساب بنكي لاكثر من مليون موظف امر صعب فنيا وقد يكون ذلك حجة اخرى لتأخير دفع الرواتب لموظفي الاقليم.

ان هذا القانون هو جزء متمم لسياسة تجويع الاقليم وحرمانها من قدراتها الاقتصادية وهي عمل متمم لعمل الصواريخ البلاستكية وطائرات الدرون المرسلة الى الاقليم  لتدمير البنى التحتية الاقتصادية في الاقليم خاصة تلك المتعلقة بالطاقة. واحياء ملف محكمة باريس  النفطية من قبل لحرمان الاقليم من تصدير النفط والغاز.

وهناك مسالة تعديل الفقرات المجحفة بحق الاقليم في الميزانية  الفيدرالية  والمفروض ان تناقش في البرلمان قريبا  والتي خالفت ما تم الاتفاق في تشكيل حكومة ادارة الدولة . علما ان تلك الفقرات المجحفة بحق الاقليم مررت  في البرلمان نتيجة وجود خلاف سياسي بين الحزبيين الكورديين واستغلال  نقص الخبرات عند الوفد الكوردي المفاوض وبتوجيه من وراء الستار من حكومة طهران . وبعد رفض الاحزاب الكوردية حضور جلسة اخراج القوات الامريكية من العراق في شهر كانون الثاني  الماضي لمحت الاحزاب الشيعية المهيمنة على البرلمان والحكومة والمحكمة الاتحادية بمعاقبة الكورد في عدم التصويت في البرلمان على تعديلات المقترحة من قبل الاحزاب الكوردية في الميزانية . اذن نحن مقدمون على ازمات عدة في المستقبل المنظور  في العلاقة بين الاقليم وبغداد .

اضف الى كل ذلك ان الاحزاب الشيعية المتنفذة في بغداد لا تتعامل  بحسن نية مع الاقليم وتعمل جاهدا ليل نهار في استغلال القيادات الشابة المتنفذة والفاقدة للخبرة السياسية  اللازمة في الحزبين الكورديين لتعميق الخلاف بينهما وبل تقسيم الاقليم  الى كيانيين صغيرين ومن ثم التعامل معها كمحافظات عراقية . ويشارك في هذا المخطط بوعي او بدونه مجموعة من الساسة المعارضين الشباب  للحزبيين الرئيسين  في الاقليم  لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة ولو  على حساب الاقليم التي هي ثمرة نضال شعب كوردستان لعقود مضت وليس ملكا للحزبيين.

وقد صرح اكثر من طرف بوجود رغبة واضحة وعلنية عند الاطراف السياسية الشيعية  بتحجيم الاقليم وابقاءها كهيئة رمزية وادارة محلية ( شبيه بنظام الحكم الذاتي المتبع في عهد نظام صدام حسين)  ليست اكثر  وليس التعامل معها كاقليم فيدرالي . علما ن فائق زيدان  قد صرح في  18 شباط بأن  النظام الفيدرالي لاتصلح للعراق وان الظروف  تغيرت عما كانت عليها في عام 2003. اذن العراق مقدم على الكثير من الازمات بين الاقليم والحكومة الاتحادية الرافضة للفيدرالية والعازمة لالغاء دور الاقليم.

كما ان قرارات المحمكة الفيدرالية الصادرة في 21 شباط  ايضا تضمنت فقرات تخص النظام الانتخابي والغت دور اللجنة العليا للانتخابات في الاقليم واعطت كل الصلاحية الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية. وهذا بحد ذاته انتهاك دستوري بحق الاقليم . علما في كلا الانظمة الفيدرالية تقام الانتخابات المحلية من قبل لجنة انتخابات خاصة بالاقليم. كما ان سيطرة  المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على عملية اجراء الانتخابات في الاقليم وتحديد التفاصيل ، خاصة الغاء حق المكونات  القومية والدينية وتقسيم الاقليم الى مناطق انتخابية متعددة بدل من منطقة انتخابية واحدة  قد تخلق نتائج لا ترضي الديمقراطي الكوردستاني  وتعمق الخلاف بين الاقليم وبغداد. هذا التدخل في التفاصيل والقرار هو لصالح الاتحاد الوطني وستعمق الازمة بين الطرفيين وهذا ما  يقصده  المحكمة الفيدرالية. لان ليس من المعقول  ان يعمل بنظام الكوته للاقليات في البرلماني الفيدرالي ويلغى في الاقليم. كان من الممكن منع اي طرف كوردي من التلاعب بنظام الكوتا من خلال الاتفاق بين الاطراف الكوردية على تطوير نظام خاص بالكوتا بحيث يكون التصويت  في يوم خاص لهم ويكون من حق ابناء الاقليات فقط التصويت لمرشحيهم . كما ان اجراء الانتخابات من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية ستكون سببا لتعميق الخلاف بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني لان الديمقراطي الكوردستاني لا ترى اللجنة العراقية غير منحازة.

علما ان  قائمة الاصوات الناخبين في الاقليم الموجود عند الحزب الديمقراطي الكوردستاني تزيد يحوالي 500 الف صوت عن القائمة التي ستعتمدها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. ومن المتوقع ان تستغل الاحزاب الشيعية سيطرتها على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات  للتلاعب بالاصوات لصالح الاتحاد الوطني المتحالف معهم في محور المقاومة. ومن المحتمل  ان يتاخر الانتخابات في الاقليم لتظل الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال  واذا خالفت  حكومة الاقليم  او تماطلت في تنفيذ قرارات المحكمة الفيدرالية ستكون عند المحكمة ذريعة لاخضاع قادة الاقليم للمحاكمة بكونهم  فقدوا شرعيتهم الانتخابية ولكون برلمان الاقليم معطل. علما ان قرارات المحكمة الفيدرالية والتي تتصف بالاحادية والحدية تجاه الاقليم وردت فيها  ثلاثة مرات كلمة ” الزام “. وورد فيها عبارة “بدون عودة ممثلية حكومة الاقليم” وهذا مخالف لمبدأ الشراكة والتوافق التي اتفقت عليها قادة العراق وضمنتها الدستور.

كما ان ازمة غزة والصراع بين محور المقاومة واميركا وما تمخضت عنها لحد الان من افرازات على الوضع العراقي وتصعيد متزايد للازمة  بين الاطراف الشيعية المطالبة  باخراج القوات الامريكية من العراق والاصرار الامريكي بعدم مغادرة العراق وتركها لتكون منبرا للسياسات التوسعية الايرانية  ستكون لها تبعات على العلاقة بين الاقليم وبغداد. علما ان هناك اكثر من 10 شركات نفط عملاقة غادرت العراق وهذا دليل بأن العراق ستكون ساحة صراع دموي بين الامريكان والايرانيين. وستقدم الحكومة الفيدرالية بايجاد مختلف الذرائع  لعدم دفع المستحقات المالية للاقليم.

اذن تفاءل البعض بقرارت المحكمة الفيدرالية بانها ستنقذهم من الازمة المالية المتعلقة برواتبهم والاحتفالات التي  حدثت في اوساط الموظفين والطاقم التدريسي في الاقليم  قد لا تكون في محله . وان السلطات الفيدرالية ستقوم عاجلا او اجلا  بعقد صفقات خاصة مع النخبة الحاكمة في الاقليم مقابل بعض التنازلات السياسية .ونتفق هنا مع الاستاذ دلشاد نامق  في قولة ” أربيل (كوردستان 24)- ، اليوم الخميس 22 شباط 2024، أن المحكمة الاتحادية عطّلت العملية السياسية في العراق، وأعادتها إلى النقطة صفر. ..المحكمة الاتحادية حلت محل جميع السلطات في العراق، إضافةً إلى أنها هيمنت على كافة المؤسسات في البلاد..المحكمة الاتحادية تتصرف بطريقة سياسية لا باعتبارها سلطة قانونية”، مبيناً أن “القرارات التي أصدرتها في الآونة الأخيرة تتعارض مع القرارات التي أصدرتها سابقاً..المحكمة الاتحادية ليست محكمةً وطنية، بل أصبحت محكمةً تُمثِّل مجموعةً من القوى السياسية في العراق، وهذه القوى السياسية بدورها تتحكم بها دولٌ أخرى”.